تثير قضية الصيام للحامل آراء متعددة تنقسم لعدة عدة أقسام، قسم يصوم خشية تفويت أجر هذا الشهر الفضيل، وقسم آخر يصوم أيامًا ويفطر أخرى حتى يقللن الأيام التي عليهن قضائها، أما القسم الثالث فيفطر الشهر كله عملًا بالرخصة الشرعية التي تجيز عدم الصيام للحامل.
في مقال اليوم على موقع عرب طب نتناول أمر الصيام للمرأة الحامل بالتفصيل موضحين تأثير الصيام في الحمل والحالات التي تجب عليها الإفطار.
هل الصيام يؤثر على الحامل؟
يتطلب الصيام الامتناع عن تناول الطعام والشراب لساعات طويلة تصل إلى 15 ساعة في غالبية دول الوطن العربي، وبالتفكير في الأمر قد تعتقد الحوامل أن الصيام ضار بالصحة، فالجنين بحاجة إلى العناصر الغذائية المختلفة لكي ينمو دون مشاكل.
لكن الأمر لا يسير على هذا المنوال، فطبيعة الصوم تفيد بعض السيدات الحوامل وتضر بأخريات، وحتى نفهم هذا الأمر بوضوح علينا معرفة التغييرات التي تحدث في الجسم خلال فترة الصيام.
ماذا يحدث لأجسامنا في الصيام؟
تطرأ عدة تغييرات على الجسم خلال فترة الصيام حتى يستطيع تحمل الوضع الجديد، ومن أهم تلك التغيرات:
- مصادر الطاقة
الجلوكوز هو مصدر الطاقة الذي يعتمد عليه الجسم، وفي حالة الصيام تنخفض معدلاته بصورة كبيرة، وبناءًا على ذلك يحدث الآتي:
- يتحول الجليكوجين المخزن في العضلات والكبد إلى جلوكوز.
- يقل مستوى هرمون الأنسولين.
- يغير الجسم مصدر الطاقة الذي يعتمد عليه، فيتحول إلى الدهون.
- الجهاز الهضمي والدم
بسبب خلو المعدة من الطعام، يقل نشاط الجهاز الهضمي وتحد حركة الأمعاء، وأيضًا يرتفع مستوى أحماض المعدة.
- مستوى الكوليسترول
يقلل الصيام مستوى الكوليسترول الضار في الجسم ويرفع معدل الكوليسترول النافع، مما يخفض ضغط الدم.
إلى جانب تلك التأثيرات، يتحسن أداء الجهاز المناعي ونشاط المخ خلال فترة الصيام.
تطول التأثيرات السابقة المرأة الحامل أيضًا وتغير من طبيعة جسمها، ومع ذلك لا ينبغي لها اتخاذ قرار الصيام دون العودة إلى الطبيب. يقرر الطبيب بشأن صيام الحامل معتمدًا على عاملين، هما:
- الحالة الصحية للمرأة.
- مرحلة الحمل.

ما الحالات التي يعارض الطبيب فيها الصيام للحامل؟
يتضاعف تأثير الصيام في جسم المرأة بسبب الحمل، ويُخشى في ذلك على صحة الجنين، لذلك يعارض الأطباء الصيام للحامل إذا لم تتمتع بصحة جيدة، وكانت تعاني إحدى المشكلات التالية:
- مشكلات المشيمة
قد يصاحب الحمل عند بعض السيدات الإصابة بــ المشيمة المتقدمة أو المشيمة الملتصقة، وهي مشكلات تظهر في فترة الحمل وتتسبب بأضرار عديدة على حياة الأم والجنين، وقد يتفاقم الوضع في حالة الصيام.
- انخفاض وزن الجنين
إذا كانت الحالة الصحية للأم سيئة، فقد يؤثر الصيام في وصول الاحتياجات الغذائية للجنين مما يؤدي إلى انخفاض وزنه.
- ارتفاع نسبة الأملاح
بعض السيدات قد تزداد لديهن نسبة الأملاح في البول بسبب نقص شرب المياه خلال الصيام، ويرافق ذلك آلامًا في الكلى والشعور بحرقة في أثناء التبول، إلى جانب تغير لون البول.
- سكري الحمل
يصاحب الصيام انخفاضًا في مستوى سكر الدم كما ذكرنا سابقًا، وقد يضر ذلك بصحة الحامل المصابة بسكري الحمل، فحالتها تستدعي تناول الأدوية على مدار اليوم.
- تسمم الحمل
من الحالات التي يعارض فيها الطبيب الصيام للحامل السيدات المصابات بالتسمم، فعادة ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة مستوى البروتين في البول ما يؤثر ذلك في سلامة الكلى.
غير ذلك، قد لا يأذن الطبيب بـ الصيام للحامل بتوأم، لأنهما بحاجة احتياجات غذائية تفوق الحمل بجنين واحد.
هذه هي أهم الحالات الصحية التي لا يُوصى فيها بالصيام، لكنها ليست الوحيدة، فأحيانًا قد يرفض الطبيب أن تصوم المرأة في مراحل معينة من الحمل.
تعرف أيضا على :
سبب ارتفاع كريات الدم الحمراء في دم الحامل
هل الصيام يضر الحامل في الشهور الأولى؟
تُعَد الشهور الأولى من الحمل أكثر الفترات حرجًا، ففيها ترتفع احتمالية حدوث التشوهات الجنينية والإجهاض.
ويصاحب تلك الفترة ارتفاعًا في مستوى هرمون البروجسترون ما يؤدي إلى شعور الحامل بالغثيان والقيء وتقلبات في الجهاز الهضمي.
وبسبب ذلك عادة ما يرفض الطبيب الصيام للحامل تمامًا خاصة إذا كان الحمل بــ عملية الحقن المجهري، أو يوصيها بصيام يوم وإفطار اليوم الذي يليه لئلا تتضرر صحتها ويزيد حدة القيء والغثيان، وكذلك لكي لا تفقد الحمل.
هل الصيام يؤثر على الحامل في الشهر الخامس؟
ينخفض تأثير الغثيان والقيء في الأشهر التالية للحمل بسبب تراجع مستوى هرمون البروجيسترون، وتتحسن الحالة الصحية للحامل قليلًا، ولا يشكل الصيام في هذه الفترة خطرًا على صحتها أو صحة جنينها.
خلاصة القول أن قرار الصيام يعتمد على الطبيب، فمن خلال خبرته يحدد مدى قدرة جسم المرأة على تحمل الصيام، وتأثيره في مستوى نمو الجنين.
نصائح هامة في أثناء الصيام للحامل
إذا أجاز الطبيب الصيام للحامل، فينبغي عليها اتباع النصائح التالية حتى تحظى بحمل آمن:
- الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية خصوصًا حمض الفوليك.
- شرب كميات كافية من الماء طوال ساعات الإفطار لتعويض السوائل المفقودة خلال الصيام.
- الحصول على قدر كافٍ من الراحة والنوم.
- الابتعاد عن إرهاق الجسم وبذل مجهود شاق سواءًا في فترة الصيام أو بعد الإفطار.
بهذه الكلمات نختم مقالتنا عن الصيام والحمل، راجين أن نكون قد أجبنا على التساؤلات التي تراودكن، ونتمنى لكن صيامًا مقبولًا.
هذه المقالة مقدمة من الدكتور محمد والي أستاذ أمراض النساء والتوليد وأحد أفضل الاستشاريين في مجال أطفال الأنابيب وحالات العقم، ويمكنكن الاطلاع على مزيد من مقالات عن الحمل عبر زيارة المدونة الملحقة بموقعه الإلكتروني.